رحل عن عالمنا بالأمس المستشار “شعبان عبد الرحمن محمد الشامي” ، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، تاركًا خلفه إرثًا قضائيًا حافل بالمواقف والأحكام الفارقة في تاريخ البلاد.

علاوة على ذلك، لم يكن المستشار الشامي مجرد قاضٍ عادي، فتميز أسلوبه بالجمع بين الصرامة وإدارة أصعب القضايا بحكمة مع طابع إنساني يضفي جوا من الاحترام والتقدير.

بالإضافة إلى روح الفكاهة التي تمتع بها والتي كانت تخفف من شحنة التوتر الموجودة في القاعة، دون المساس بهيبة القضاء.

من هو المستشار شعبان الشامي ؟

ولد ” الشامي ” ونشأ في مصر، وتلقى تعليمه في كلية الحقوق بجامعة عين شمس، حيث تخرج منها عام 1975 بتقدير جيد جدًا.

وبعدها بعام واحد انضم إلى سلك النيابة العامة في عام 1976 كمعاون للنيابة، لتنطلق بذلك مسيرته المهنية الطويلة والحافلة.

تدرج المناصب القضائية

شغل منصب رئيس نيابة عام 1981، وذلك نتيجة لكفائته في بداية عمله بالنيابة، ثم انتقل للعمل في المحاكم الابتدائية.

فكانت خطوة مهمة في مسيرته وذلك لاكتسابه خبرة واسعة في التعامل مع مختلف أنواع القضايا.

عاد المستشار “الشامي” إلى النيابة العامة مرة أخري، ولكن رئيسا لنيابة شمال القاهرة، وهو منصب قيادي هام.

ثم عمل قاضيا بمحاكم الاستئناف، وهي درجة قضائية أعلى تتطلب خبرة قانونية معمقة.

وأخيرا، قاضيًا في محاكم الجنايات منذ عام 2002، ذلك المنصب الذي شهد تألقه وبروزه كأحد أهم قضاة الجنايات في مصر.

أبرز محطاته القضائية

تولى :الشامي” العديد من القضايا ذات الأهمية الوطنية والتي أثارت الرأي العام ومنها :

-التحقيق في “ثورة الجياع” (1977).

حيث أُسند إليه التحقيق في الأحداث التي عُرفت بـ
“ثورة الجياع” أو “انتفاضة الخبز” في يناير 1977.

والتي جاءت نتيجة لاحتجاجات شعبية واسعة بسبب رفع أسعار السلع الأساسية تلك القضية التي أثبتت قدرته على التعامل مع القضايا الحساسة ذات البعد الاجتماعي والسياسي.

-التحقيق في الفتنة الطائفية وحوادث استهداف الكنائس (1981).

في عام 1981، تولى التحقيق في أحداث الفتنة الطائفية في حي الزاوية الحمراء بالقاهرة.

وكذلك حادث استهداف كنيسة مسرة في شبرا، عندما قام متطرفون بإلقاء قنبلة على المصلين، وفي نفس العام تولى توثيق تفاصيل التوتر الطائفي في مركز شرطة سنورس بالفيوم .

رئاسة محكمة قضية “التخابر والهروب من سجن وادي النطرون.

تلك القضية التي عرفت كواحدة من أعقد وأخطر القضايا في تاريخ مصر الحديث، اتُهم في هذه القضية الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين.

كانت جلسات المحاكمة تُبث على الهواء مباشرة، وحظيت باهتمام إعلامي وشعبي واسع، ومن بعدها ذاع صيت المستشار بشكل كبير.

  • محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية “الكسب غير المشروع”. تولى المستشار الشامي أيضًا محاكمة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في قضية “الكسب غير المشروع”.

وحظيت هي الأخري بتغطية إعلامية واسعة وأثارت جدلا كبيرًا في الشارع المصري.

كما يعد من أوائل القضاة في إدخال التكنولوجيا إلى قاعات المحاكم (1994)، حيث قام بتطبيق نظام الحوسبة الإلكترونية لحفظ القضايا والأحكام التي شارك فيها.

تصدر خبر وفاة المستشار شعبان الشامي منصات التواصل الاجتماعي في مصر، حيث تفاعل معه الجمهور بشكل واسع.

وبينما عبر الكثيرون عن حزنهم وتقديرهم لمسيرته القضائية الطويلة، شهدت الآراء أيضًا تباينًا حول مواقفه وأحكامه في بعض القضايا التي تولاها.

وخاصة تلك القضايا التي أثارت الجدل في الشارع المصري، و حظيت بتغطية إعلامية واسعة في فترة من الفترات.

رحل المستشار شعبان الشامي بعد صراع مع المرض، وشُيعت جنازته من مسجد الشربتلي بالتجمع الخامس، وكان بحضور كثيف من القيادات القضائية وأهل المهنة.

ونعاه المستشار سامح عبدالحكم، رئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة، واصفا إياه بأنه “من أعمدة العدالة ومن رجال القضاء الذين يصعب تكرارهم”، مؤكدًا على دوره البارز في خدمة العدالة.