بمناسبة تتويج مسلسل “ولاد الشمس” بجائزة أفضل مسلسل درامي قصير في النصف الأول من رمضان، ضمن فعاليات الدورة التاسعة من كأس إنيرجي للدراما، يفرض العمل نفسه مجددا على الساحة النقدية.

هذا الفوز يعيد طرح تساؤل مهم: هل يستحق المسلسل هذا اللقب حقا؟

مسلسل ولاد الشمس هو مسلسل دراما مصري تم عرضه في رمضان 2025، وعدد حلقاته 15 حلقة.

القصة

يسلط المسلسل الضوء على عالم دور الأيتام وأنه ليس عالم مثالي ويمكن أن يكون فيه جوانب من القسوة والظلم.

ويستعرض المسلسل الصراع بين اتنين (مفتاح وولعة) من أبناء دار أيتام (الشمس) ومدير الدار (ماجد)بعد أن قررا أن يتمردا على صاحب الدار بعد إجبارهما على السرقة والنصب في محاولة لحماية باقي أطفال الدار.

القائمين على العمل

المسلسل من بطولة أحمد مالك في دور ولعة وطه دسوقي في دور مفتاح ومحمود حميدة في دور بابا ماجد ومعتز هشام في دور قطايف و الرابر فليكس في دور ألمظ ودنيا ماهر في دور أمينة ومينا أبو الدهب في دور عبيد وفرح يوسف في دور سحر.

والعمل من تأليف مهاب طارق، إخراج شادي عبدالسلام، ومدير التصوير محمد مختار ،والموسيقى التصويرية كريم جابر.

لفت المسلسل أنظار الجميع في السباق الرمضاني ونجح نجاح غير متوقع.

عندما شاهدت الإعلان لأول وهلة حكمت على العمل بالهبوط، فعندما يكون أحمد مالك الممثل المعروف أنه من “ايجيبت” في دور شاب شعبي أو “سرسجي” كما يُقال.

وطه دسوقي الشاب الكوميديان في دور شعبي فبالتأكيد سيكون العمل مبتذل والأداء مفتعل وغير حقيقي، لكن “مالك “و”دسوقي” خالفا كل التوقعات.

أداؤهم التمثيلي ممتاز لدرجة تجعلك تصدق أنهم شخصيات موجودة بالفعل، وحقيقية وأنه ليس مسلسل بل مجرد تسجيل لأحداث ما يدور في تلك الدار.

ستصدق أنهم شعبيين، ومن طبقة معينة من غير تأكيد لفظي لذلك في كل مشهد بكلمات شعبية كليشيه مثلما نرى في مسلسلات أخرى.

وبالرغم من أن أبطال العمل أو شباب الدار نفس البيئة ونفس الظروف التي نشأوا فيها “أكلة واحدة..نومة واحدة” ولكن كل شخص من الأربع أيتام (مفتاح وولعة وقطايف وألمظ) له شخصية منفردة بأهداف مختلفة، وله معاناة خاصة به.

القصة غالبا لم يتم طرحها من قبل، نجح صناع العمل في طرحها ومعالجتها بشكل واقعي وعميق وبها إسقاط فالدار مجتمع وبابا ماجد ديكتاتور هذا المجتمع وأطفال الدار لم يكن لهم اسم حتى كأنهم كتلة واحدة أو فقط أداة لتحقيق رغبات بابا ماجد.

موت “قطايف” الابن الوحيد المثقف الفيلسوف بيؤكد على هذا الإسقاط فلا مكان للفلاسفة في مجتمع الديكتاتوريين.

078275ee 8a31 4890 9297 aa26b71c8295

اختيار أن المسلسل يكون 15 حلقة كان مناسب جدا لتصاعد الأحداث والإيقاع سريع دون مط وملل.

الحوار منمق وفي السياق، لا يوجد كلام زائد أو كلام كان من المفترض أن يقال لغة جسد ونظرات الممثلين في مشاهد صامتة كانت معبرة.

أداء الممثلين

الشخصيات مقنعة ومكتوبة بعناية، البساطة والانسيابية في الأداء هي سر نجاح العمل.

كل شخص متوظف في دوره كويس جدا، مشاهد الفلاش باك لمفتاح وولعة وقطايف وألمظ وهما أطفال، الأطفال شبههم شكلا وهما كبار.

بابا ماجد فاسد، ومستغل، وظالم ،وقاسي، كل ذلك سيصل للمشاهد بوضوح دون مغالاة في التعبير أو الانفعال كما أتقن التجسيد الحرفي لدور الشر دون تبريق أو زعيق.

مينا أبو الدهب في دور عبيد، اسم على مسمى، التابع الذي أحب سجانه، أول تجربة فنية له ومع ذلك أثبت نفسه كممثل محترف، والجميع أشاد بأدائه، الشخصية التي ستجعلك في حيرة من موقفك تجاهها، أنت بتحبها ولا بتكرهها؟ بس الأكيد هتنبهر بأدائه.

النواحي الإخراجية الفنية

كادرات مسلسل ولاد الشمس

يوجد اهتمام واضح بكل تفاصيل العمل بداية من الإضاءة التي تناسب جو كل مشهد، الديكور سواء دار الأيتام أو اختيار الشوارع والأحياء الشعبية والأماكن التي يزورها الشخصيات، والملابس عكست جو كل شخصية وذوقها وحالتها الاقتصادية والاجتماعية والتصوير والمونتاج وزوايا وحركات الكاميرا كل ذلك في تكامل يخدم المشاهد والمسلسل تم صنعه بإتقان ملحوظ.

صاحبي ياصاحبي

تتر المسلسل ويعتبر شريك أساسي في نجاحه، غناء بهاء سلطان، وكلمات منة القيعي.

انتشرت الأغنية وتداولت على مواقع التواصل الاجتماعي،
تعكس الأغنية روح المسلسل ففي أول المسلسل غلب على اللحن طابع “فرايحي” وفي مشهد النهاية تغير إلى لحن حزين وحتى صوت بهاء سلطان تحول من صوت سعيد لصوت فيه شجن وكأنه ينعي مفتاح و يواسي ولعة.

هل كان لازم مفتاح يموت؟

حقق المسلسل صدى واسع وتفاعل الجمهور معه بشكل كبير في كل حلقة وخاصة بعد موت “مفتاح” ثار و غضب الجمهور “مش المفروض مفتاح يموت”.

ولكن في وجهة نظري أن موت مفتاح هو اللي أكد على واقعية المسلسل كإشارة واضحة ومؤلمة إلى أن الواقع نادرا ما يمنح الفرص الثانية، وكأن المسلسل أراد أن يخبرنا أن بعض الظروف القاسية التي تنشأ فيها شخصيات مثل مفتاح قد تقودها إلى مصير لا مفر منه بغض النظر عن محاولاتها لتغيير واقعها.

هذه النقطة بالذات تعكس صورة قاسية لبعض جوانب الحياة الاجتماعية في مصر.

ولذلك فهذا المسلسل تجاوز كونه عمل درامي حائز على جائزة، بل يمثل مرآة تعكس جوانب مظلمة من الواقع الاجتماعي المصري وخاصة ما يدور خلف أسوار دور الأيتام وما قد يتعرض له أطفال بلا سند.