خلال موسم رمضان 2025 الدرامي، لفت مسلسل “لام شمسية” الأنظار، وهو من إخراج كريم الشناوي وتأليف ورشة سرد، وبطولة نخبة من الممثلين على رأسهم أمينة خليل وأحمد السعدني، وذلك لتناوله قضية اجتماعية حساسة ومؤلمة.

التحرش والتنمر في المدارس، يتبع المسلسل رحلة معلمة شجاعة تسعى لكشف هذه الجرائم وحماية الضحايا، بينما تواجه تحديات شخصية وعائلية.

جرأة الطرح وتعمق القضية

ناقش المسلسل قضية مؤلمة وحساسة في مجتمعنا و قدم المتحرش بعيداً عن الصورة النمطية المعتادة، فهو ليس مدمناً ولا شخصاً مهمشاً أو معزولاً عن المجتمع، بل أستاذ جامعي متزوج، وأب، وقريب من العائلة، ويُعامل كأنه فرد منها؛ الخطر قد يكون أكثر قرباً مما نظن.

هنا تظهر جودة النص والأحداث في تسليط الضوء على زاوية أكثر خطورة كيف يمكن لمتحرش أن يجد لنفسه مدخل موثوق وآمن للوصول إلى الأطفال والانفراد بهم تحت غطاء اجتماعي آمن كـ”دروس خصوصية”، لتكون هذه النقطة بمثابة جرس إنذار آخر ضمن المسلسل.

وأخيرا ليس من المستحيل أن يكون المتحرش من الدائرة القريبه للطفل فمن الممكن أن يكون الأب أو صديق الأب أو أحد الأقارب في ظل غياب الوعي وتجاهل الأهل، حظيت مسلسلات دراما رمضان هذا العام بنصيب كبيرا في الجرأة أثناء عرضها لأفكارها ، يأتي مسلسل لام شمسية ليطرح واحدة من أكثر القضايا حساسية في المجتمع، وهي التحرش بالأطفال وتأثيره العميق على الضحية حتى بعد سنوات.

من خلال شخصية يوسف، الذي يعاني من أزمة تعلق مرضي بمدرسه وصديق والده وسام، حيث تختلط مشاعر الطفل بين الإعجاب والانجذاب العاطفي من ناحية، والخوف من شيء غامض لا يستطيع تفسيره من ناحية أخرى.

ويلي هذا المسلسل عدد من المسلسلات الذين قدموا قضايا جريئة ومهدور حقها في مجتمعنا منها مسلسل ظلم المصطبة وولاد الشمس و80باكو.

كيف صور المسلسل تأثير هذه المشاكل علي الأطفال وأسرهم ومجتمعهم؟

استعرض المسلسل بعمق الآثار السلبية للتحرش والتنمر على الأطفال وأسرهم والمجتمع المحيط بهم.

من ناحية الأطفال، أبرز المسلسل كيف يعاني الضحايا من صدمات نفسية عميقة، تظهر في خوفهم وقلقهم وانعزالهم، وفقدانهم للثقة في الآخرين وفي البيئة المدرسية التي من المفترض أن تكون آمنة.

كما أظهر كيف يمكن أن يؤثر ذلك سلباً على تحصيلهم الدراسي وسلوكهم.

أما بالنسبة للأسر، فقد سلط المسلسل الضوء على حالة القلق والعجز التي تنتاب الأهل عند اكتشافهم تعرض أبنائهم لهذه المشاكل، والصعوبات التي يواجهونها في دعمهم وحمايتهم.

وعلى مستوى المجتمع، بين المسلسل أهمية كشف هذه القضايا وعدم التستر عليها، وضرورة تكاتف الجهود لمواجهتها وتوفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال، مؤكداً على أن تجاهل هذه المشاكل يؤدي إلى تفاقمها وتأثيرها السلبي على نسيج المجتمع ككل.

تقييم أداء الممثلين

تميز مسلسل “لام شمسية” بمستوى فني رفيع ظهر في الأداء التمثيلي العظيم لكافة أفراد العمل، حيث استطاع كل ممثل أن يجسد شخصيته بعمق ومصداقية، ناقلاً للمشاهدين مختلف الانفعالات والصراعات الداخلية التي مرت بها الشخصيات.

ولم يقتصر التميز على الأداء التمثيلي فحسب، بل امتد ليشمل السيناريو المحكم الذي استطاع بناء الأحداث بشكل منطقي وجذاب، والحوارات التي جاءت طبيعية ومعبرة.

كما كان للإخراج دور بارز في إضفاء جو من التشويق والتأثير على المشاهد، مما أدي إلي تقديم عمل درامي متكامل فنياً.

برز في أداء الممثلين بمسلسل “لام شمسية” بشكل خاص الثنائي أمينة خليل ومحمد شاهين، حيث قدمت أمينة خليل دورا مؤثراً وعميقاً لشخصية المعلمة التي تواجه تحديات كبيرة على الجانبين المهني والشخصي، وبالمقابل قدم محمد شاهين أداءً لافتاً لشخصية وسام، الأستاذ الجامعي الذي يتستر بغطاء المدرس الخصوصي ليتحول إلى خطر يهدد براءة يوسف، حيث أظهر تفاعلاً كيميائياً مميزاً مع أمينة خليل، لقد ساهم الأداء المتناغم لهذا الثنائي في تعميق تأثير الأحداث وإضافة بعد إنساني قوي للقصة.

نقاط الضعف

على الرغم من الجوانب الإيجابية العديدة التي تميز بها مسلسل “لام شمسية”، إلا أنه يمكن الإشارة إلى بعض الملاحظات التي وردت حول إيقاع العمل في بعض الحلقات، فقد رأي البعض أن هناك تباطؤا في سير الأحداث وتطويلا في بعض المشاهد، ومع ذلك، من المهم القول بأن هذه النقطة ليست محل إجماع كامل.

بعض المشاهدين والنقاد الآخرين رأوا أن الإيقاع كان مناسباً لطبيعة القضية الحساسة التي يناقشها المسلسل، وأن التمهل في عرض الأحداث يكون ضروريا في بعض الأحيان في توصيل التأثير المطلوب.

من وجهة نظري كمشاهد أري أن بطء الإيقاع في بعض الحلقات هو ملاحظة شائعة وردت في تقييمات مسلسل “لام شمسية”، ولكنها ليست بالضرورة نقطة سلبية من وجهة نظري.

يعتمد الأمر على رؤية المشاهد الشخصية لطبيعة العمل الدرامي والقضية الحساسة التي يتناولها.

في الختام، يمكن القول إن مسلسل “لام شمسية” يمثل محاولة مهمة لتسليط الضوء على قضية التحرش والتنمر في المدارس، وهو ما يستحق التقدير.

لقد نجح المسلسل في تقديم أداء تمثيلي قوي ومؤثر، خاصة من أمينة خليل، وفي فتح نقاش ضروري حول مسؤولية المجتمع في حماية أطفاله.

وعلى الرغم من بعض الملاحظات الطفيفة على الإيقاع، يبقى “لام شمسية” عملاً درامياً يستحق المشاهدة والتفكير، ليؤكد في الختام على أن التصدي للتحرش والتنمر يبدأ بالاعتراف بوجود المشكلة والمواجهة.