
كتب: رحمة أحمد، وأحمد الفخراني، وندى خيري
“العقل السليم في الجسم السليم” مثل شعبي يتردد عبر الزمان، سمعناه وفهمنا معناه من خلال المدرسة.
فالمدرسة تعد أول منفذ للطفل لممارسة الرياضة عن طريق طابور الصباح، حيث يقف الطلاب ويمارسون بعض التمرينات و الأنشطة الصباحية التى تنشط الدورة الدموية وتزيد التركيز و التحصيل.
والرياضة المدرسية ليست مجرد نشاط جانبي يُمارَس وقت الفراغ، بل هي ركيزة أساسية في بناء شخصية الطالب وتنمية صحته الجسدية والنفسية.
من خلال التربية الرياضية، يتعلم الطلاب الانضباط، و التعاون، و تحمل المسؤولية، وتنمو لديهم روح المنافسة الإيجابية.
قديما كان هناك إلزام لحضور الطابور واهتمام كبير بحصص التربية الرياضية، أما الآن أصبح يوجد تهاون كبير في حق حصص التربية الرياضية، إلى جانب إهمال المدارس و الإدارات لأهمية الرياضة.
حيث لا تزال المدارس الحكومية في مصر تعاني من نقص شديد في دعم التربية الرياضية بداية من وقت الحصة وعدد الحصص وعدد المدرسين والأدوات، وذلك بالمقارنة مع المدارس الخاصة.
وفي هذا التحقيق، نرصد شهادات حية من طلاب ومعلمين تكشف الواقع الصادم لمستوى ممارسة الرياضة في المدارس، والفارق الكبير في الإمكانيات والفرص.
أولا المدارس الحكومية: حصة واحدة فقط، أدوات متهالكة، وتدريب عشوائي.
أجرينا مقابلات مع الطلاب و المدرسين في بعض المدارس الحكومية و الخاصة وكانت إجاباتهم كالآتي:
مدرسة المساعي الإعدادية بنات

نوارة، 13 سنة، طالبة بمدرسة المساعي الإعدادية بنات، تُعبّر عن إحباطها:
“المدرسة لا تساعدني في ممارسة الرياضة اللي بحبها”
أما نور البالغة من العمر ١٢ عام، قالت”نأخذ حصة واحدة في الأسبوع وتكون مدتها نصف ساعة، نقوم باللعب والجرى لكن لا يوجد تدريب على لعبة معينة”.

الأستاذة نعمة كامل، مدرسة التربية الرياضية بالمدرسة، قالت ” نعانى من قلة الأدوات و الملاعب، ويوجد لدينا ملعب واحد فقط مخطط لثلاثة ملاعب يد، سلة، وطائرة، لكن لا يوجد شبكات لليد، وإذا أردنا شئ نوفره لأنفسنا من جهودنا الذاتية.

أما عدد الحصص ووقتها فهو غير كافي، كذلك توقيت الحصص غير مناسب لأنه كما تعلمون معظم الحصص تكون في نهاية اليوم الدراسي بعد الظهيرة.
مما يعنى أن الشمس تكون في ذروتها وهذا لا يُمكننا من ممارسة أى نشاط خوفاً على الطلاب من الإصابة بضربات الشمس بالإضافة إلى أن طاقتهم تكون قد استنفذت تماماً خلال اليوم الدراسي.
يوجد مسابقات كل أول سنة على مستوى المدارس وحصلنا على عدة جوائز في التايكوندو، ألعاب القوى، والسباحة.”
مدرسة الثانوية القديمة بنات

تقول سندس، 17 سنة، طالبة بمدرسة الثانوية القديمة بنات:
“المس بتخلينا نجرب رياضات مختلفة، لكن إحنا مش بنعرف قواعد أي لعبة، فبنلعب بشكل عشوائي.”
جنى، ١٦ عام، قالت ” نأخد الحصص في مواعيدها و نقوم بلعب ما نريد لكن على سبيل الترفيه، فلا نعلم قواعد اللعبة، وأمارس السباحة لكن بالنادي، بالطبع النادي أكثر احترافية في كل الألعاب.”

الأستاذة نهلة، مدرسة التربية الرياضية بمدرسة الثانوية القديمة بنات، قالت: ” إن التحديات التي نواجهها تكمن في البنات، فهن لا يريدن ممارسة الرياضة باعتبار أنهن كبرن وأشياء من هذه الأمور”.
وأضافت: “لا يوجد ميزانية للأنشطة الرياضية، ولدينا مسابقات حيث حققنا المركز الأول في كرة الطائرة و السلة و اليد على مستوى الإدارة.”
أظهرت الشهادات أن كثيرًا من طلاب المدارس الحكومية لا يمارسون الرياضة بجدية إلا في النوادي أو الأكاديميات الخاصة، وهو ما لا يتوفر لكل الطلاب.

ومما سبق يتضح نمط متكرر في المدارس الحكومية وفق لشهادات الطلاب، حصة واحدة فقط أسبوعيًا مدتها نصف ساعة، ممارسة عشوائية للألعاب دون قواعد أو توجيه، وأدوات بسيطة.
ثانياً المدارس الخاصة: بيئة رياضية مثالية، دعم ومشاركة فعالة في البطولات.
مدرسة حسين غراب الخاصة

قال عمر، ١٥ عام: ” نأخذ حصتين في الأسبوع و الجدول مناسب، وأمارس كرة القدم وتوفر المدرسة لي التشجيع والدعم اللازم.”

جنى، ١٤ عام، تقول: ” يوجد بالمدرسة ٤ مدرسين بالإضافة إلى أماكن مخصصة، ملاعب لكرة القدم، ملاعب كرة السلة، أدوات في حالة جيدة، ولا يوجد تحديات.”
مدرسة التربية الإسلامية الخاصة

قال رامي، ١٣ عام: ” تحتوى المدرسة على أكثر من مكان وملعب لممارسة هذه الحصة، نأخذ حصتين في الأسبوع مدة الحصة ساعة إلا ربع، يوجد ملاعب جيدة وبها تغطية وبعيدة عن الشمس.”

سالي، ١٤ عام تقول: ” لدينا ٤ مدرسين في المدرسة متخصصين في مجال التربية الرياضية، والتحديات التي تواجهنا هى تأخر ميعاد بعض الحصص في الجدول.”
مدرسة الزهراء الخاصة

قالت الأستاذة شيماء، مدرسة التربية الرياضية: ” أن التحديات التي تواجهها تتمثل في الإصابات أو رغبة طالب في ممارسة لعبة معينة ولا يريد الإشتراك مع زملائه في الألعاب الجماعية.
يعد الجدول مناسب لكن أحياناً تضع المدرسة الحصة في نهاية الجدول و يكون الطالب قد استنفذ طاقته.
الأدوات والملاعب تختلف من مدرسة عن الأخرى، لكن لدينا كل شىء بالإضافة إلى وجود ميزانية مناسبة.

نمتلك ٤ مدرسين ودائما ما نشارك في مسابقات وبطولات وتأتى إلينا هذه الأمور من الوزارة.”
مدرسة عمرو بن العاص الرسمية

علي ١٢ سنة طالب بمدرسة عمرو ابن العاص قال ” نأخذ حصتين تربية رياضية على مدار الأسبوع، كما أن أسرة التربية الرياضية تنظم دوري لكرة القدم بين الفصول تقام مبارياته في فترة الفسحة”.
وقالت نور ١٣ سنة ” ألعب كرة الطائرة وأنا أحد أعضاء الفريق الذي يلعب باسم المدرسة في البطولات التي تلعب على مستوى الإدارة وألعب في مركز الليبرو”.

الأستاذة عزة عياد مدرسة التربية الرياضية بالمدرسة قالت ” نعاني من عدم قدرتنا على ممارسة كرة الطائرة وكرة السلة كما كنا في الأعوام السابقة.
وذلك بعد قيام المدرسة بإزالة ملعب البلاط وبناء مكانه مبنى ثالث بالمدرسة بسبب كثرة عدد الطلاب، ولكن بسبب اهتمامنا بلعبة كرة الطائرة خاصة للبنات قامت المدرسة بتخصيص مكان وتم وضع شبك فيه من أجل ممارسة اللعبة”.
ومما سبق نستنتج أن الوضع في المدارس الخاصة يختلف جذريًا عن نظيره في المدارس الحكومية، حيث تعطى المدارس الخاصة أولوية للرياضة على عكس المدارس الحكومية.

فنجد في المدراس الحكومية نقص في عدد مدرسين التربية الرياضية، حيث يتراوحون بين واحد أو اثنين، كما لا يوجد ميزانية كافية، أيضاً مدة الحصص قصيرة وفي أغلب الأحيان تكون في مواعيد متأخرة.
على الجانب الاخر يوجد اهتمام أكبر داخل المدارس الخاصة من حيث عدد المدرسين، حيث يتواجد ٤ مدرسين للتربية الرياضية، كما أن الملاعب والأدوات أكثر ملائمة مما يساعد على تشجيع للطلاب.
أيضاً الميزانية المتوفرة لهذه المدارس أعلى بكثير من المدارس الحكومية.
ولأن بناء أجيال قوية وصحية يبدأ من المدرسة، نناشد وزارة التربية والتعليم بـ :
- زيادة عدد حصص التربية الرياضية في المدارس الحكومية.
- تعديل توقيت الحصص لتكون في أوقات مناسبة.
- توفير أدوات وملاعب رياضية مجهزة.
- دعم المدرسين مادياً و معنوياً.
- وضع خطة وطنية لتطوير التربية الرياضية في التعليم الحكومي.
في النهاية، الرياضة المدرسية ليست رفاهية بل أبسط الحقوق، والتمييز في ممارستها بين المدارس يمثل ظلمًا تربويًا يجب معالجته.
✨👏🥰