
يعيش الإنسان عمره بحثًا عن لحظة ختامٍ تليق بما قدّمه في حياته، غير أن لحظة الوفاة تكشف أحيانًا عن نظرة المجتمع تجاه الراحل أكثر مما تعكس حقيقة مثواه الأخير،.
هذا ما بدا جليًا بعد إعلان وفاة المستشار شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة الكبرى.
إذ انقسمت تعليقات المودّعين بين داعٍ له بالرحمة، وآخرين يطلبون له الحساب العسير عند الملكين، في مشهد غير معتاد لقاضٍ قضى حياته خلف المنصات.
من هو شعبان الشامي ؟
تخرج المستشار شعبان الشامي من كلية الحقوق جامعة عين شمس في عام 1975، وتم تعينه بالنيابة العامة عام 1976.
ثم شغل منصب رئيس نيابة ومنها قاضيا بالمحاكم الابتدائية في 1981، ثم عمل عام 2002 في محاكم الجنايات، ومنها إلى رئيس استئناف القاهرة، ثم رئيسا لدائرة 15 جنايات شمال القاهرة.
شهدت مسيرة الشامي الفصل في العديد من القضايا التي أثارت الرأي العام، حيث كانت بدايته في قضية ثورة الحرامية المعروفة إعلاميًا ب” ثورة الجياع” في 18 يناير 1977.
ثم قضية الفتنة الطائفية بالزاوية الحمراء، وقضية كنيسة مسرة في 1981، وقضية فتنة سونورس الفيوم في الثمانينات، وغيرها.
محطات بارزة في مسيرة الشامي القضائية
أصدر الشامي أحكامًا حاسمة في العديد من القضايا المهمة في تاريخ القضاء المصري الحديث، أبرزها:
في مايو 2013 أصدر المستشار شعبان الشامي حكمًا بمعاقبة أحمد عرفة عضو حركة “حازمون” بالسجن المؤبد، وتغريمه 20 ألف جنيه غيابيًا، وذلك في اتهامه بحيازة سلاح آلي وطلقات نارية.
أكتوبر 2014 أصدرت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار شعبان الشامي حكمها بمعاقبة 25 متهمًا بأحكام تتراوح بالسجن المشدد 7 سنوات حتى السجن المؤبد، لاتهامهم بالتخطيط لارتكاب عمليات إرهابية ضد منشآت الدولة الحيوية، وتأسيس وإدارة جماعة تنظيمية على خلاف أحكام القانون.
كما رفض الاستئناف المقدم من خيرت الشاطر وسعد الحسيني وأحمد أبو بركة و17 آخرين من قيادات جماعة الإخوان، على حبسهم بتهمة الاشتراك في القتل، و المساس بالسلم والأمن العام.
في 16 يونيو 2015 أصدر حكمًا بإعدام الرئيس الأسبق محمد مرسي في القضية المعروفة إعلاميا بـ”اقتحام السجون”.
بالإضافة إلى 5 آخرين حضوريا، و94 غيابيا، ليصبح ذلك أول حكم إعدام لرئيس مصري سابق.
رحل عن الحياة ولكن الجدل لم يتوقف
رحل الرجل الذي جلس خلف منصّات المحاكمة لعقود، فارق الحياة أمس، بعدما أنهكه المرض، تاركًا خلفه سجلًا من الأحكام التي طبعت في الذاكرة القضائية.
رغم الجدل المثار حول أحكامه القضائية يظل الشامي واحدًا من أهم القضاة المصريين في العصر الحديث، وتظل أحكام القضاء تُأخذ بالقوانين والأدلة لا بالعاطفة و الأحكام الشخصية.