
•تقــريــــر
هدد الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بحجب 1.3 مليار دولار من المساعدات الأمريكية السنوية لمصر ما لم تقبل البلاد اقتراحه المثير للجدل بنقل الفلسطينيين من غزة، وفقًا للبيانات والتقارير الأخيرة. تدعو الخطة، التي كشف عنها ترامب في أوائل فبراير 2025 إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مصر والأردن إلى استضافة النازحين من غزة بينما تعيد الولايات المتحدة تطوير المنطقة لتصبح وجهة فاخرة. وقد رفضت مصر الاقتراح بشكل قاطع، ووصفته بأنه “ظلم” مزعزع للاستقرار، مع تصاعد التوترات الإقليمية قبل انعقاد القمة العربية الحاسمة في 27 فبراير.
خطة ترامب
تتضمن خطة ترامب، التي تم توضيحها لأول مرة في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 4 فبراير 2025، نقل ما يقرب من 2 مليون فلسطيني من غزة إلى الدول المجاورة، خاصة مصر والأردن. بعد ذلك، ستستحوذ الولايات المتحدة على ملكية غزة، وتحولها إلى وجهة فاخرة، يشار إليها باسم “ريفييرا الشرق الأوسط”. في 10 فبراير 2025، في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، ربط ترامب المساعدات بوضوح بالامتثال، قائلاً إنه سيفكر في حجب المساعدات إذا لم توافق مصر على قبول الفلسطينيين. وقد تكرر هذا التهديد في الاجتماعات والبيانات، مما سلط الضوء على نيته استخدام النفوذ المالي لفرض رؤيته.
قوبلت الخطة بمعارضة قوية، خاصة من مصر، التي تعتبرها شكلاً من أشكال التهجير القسري أو التطهير العرقي. وقد رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الاقتراح علنًا، قائلاً، إن تهجير الفلسطينيين ظلم ولا يمكن لمصر أن تتغاضى عنه.
تعد مصر واحدة من أكبر المستفيدين من المساعدات الخارجية الأمريكية، حيث تلقت ما يقرب من 1.43 مليار دولار في السنة المالية 2023، مع طلب 1.44 مليار دولار في السنة المالية 2024، وفقًا لغرفة التجارة الأمريكية مصر: المساعدات الخارجية الأمريكية. وقد مولت هذه المساعدات، التي تدار في المقام الأول من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، برامج في مجالات الصحة العامة والتعليم والتنمية الاقتصادية والديمقراطية والحكم، فمنذ عام 1978، قدمت الولايات المتحدة لمصر 30 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية وما يزيد على 50 مليار دولار من المساعدات العسكرية و التي تشكل أهمية بالغة للأمن القومي والاستقرار الإقليمي. ويؤكد هذا الالتزام، الذي تأسس منذ اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978، على الأهمية الاستراتيجية لهذه العلاقة.
في يناير 2025، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية بوقف جميع المساعدات الخارجية تقريبًا، باستثناء المساعدات العسكرية لإسرائيل ومصر، مما سلط الضوء على دورها الحاسم. ويمثل تهديد ترامب بقطع هذه المساعدات العسكرية، إذا لم تمتثل مصر، تصعيدًا كبيرًا، ومن المحتمل أن يؤثر على العلاقات الثنائية طويلة الأمد.
موقف مصر من الخطة
رفض مصر لخطة ترامب ليس فرديًا؛ فهو يتماشى مع الموقف الأردني ويشكل جزءا من رد فعل عربي أوسع. ومن المقرر أن تستضيف مصر مع الأردن قمة للدول العربية 27 فبراير 2025، لبحث مستقبل الشعب الفلسطيني، في إشارة إلى تشكيل جبهة موحدة ضد جهود التهجير. وحذر المسؤولون المصريون من أن قبول الفلسطينيين قد يشكل مخاطر أمنية ويثير معارضة جماهيرية، نظرا للتحديات الحالية التي تواجهها مصر.
ردت مصر على تخفيض المساعدات الأمريكية بالانتقادات، كما حدث في عام 2017 عندما قطعت الولايات المتحدة ما يقرب من 100 مليون دولار من المساعدات بسبب مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، ووصفت مصر ذلك بأنه “سوء تقدير” وشددت على الاحتياجات الأمنية المشتركة. وفي حين أن مصر لم تقدم تفاصيل عن الآثار الاقتصادية المحددة، فإن خسارة 1.5 مليار دولار سنويا يمكن أن تضغط على اقتصادها، خاصة في القطاعات التي تعتمد على التمويل الأمريكي.
التأثير المحتمل لقطع المساعدات
وتعد هذه المساعدات حيوية لتحديث مصر عسكريا، وتعزيز قدرتها على الحفاظ على الأمن والاستقرار، خاصة في ظل دورها في السيطرة على قناة السويس والتوسط في الصراعات الإقليمية. ومن الناحية الاقتصادية، فهو يدعم مشاريع التنمية التي أدت إلى تحسين الصحة العامة والتعليم والفرص الاقتصادية، حيث قام أكثر من نصف مليون مزارع من أصحاب الحيازات الصغيرة بزيادة الدخل وتدريب 115000 معلم في المدارس الابتدائية مما يؤثر على 5 ملايين طفل. وتعزز المساعدة أيضًا التجارة، حيث وصلت التجارة الثنائية إلى 9.1 مليار دولار في عام 2021، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، وبلغ الاستثمار الأمريكي المباشر 1.5 مليار دولار في عام 2020، ليبلغ حوالي 24 مليار دولار.
وإذا تم قطع المساعدات، فقد تضعف القدرات العسكرية لمصر، مما قد يؤثر على دفاعها ضد حركات التمرد والتهديدات الإقليمية. وقد تتوقف المشاريع الاقتصادية، مما يؤدي إلى انخفاض الخدمات العامة والنمو الاقتصادي، نظرا لمساهمة المساعدات في الناتج المحلي الإجمالي (حوالي 0.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمصر البالغ 475 مليار دولار في عام 2023). وقد تتأثر العلاقات الدبلوماسية، مما قد يدفع مصر إلى البحث عن تمويل بديل من المملكة العربية السعودية أو الاتحاد الأوروبي أو روسيا والصين، ومع ذلك، فإن استبدال هذا الدعم القطاعي المحدد سيكون أمرًا صعبًا، وقد يؤدي إلى عدم الاستقرار.