
قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطوة قد تكون غير مفاجئة للبعض استضافة أول قمة للعملات المشفرة في البيت الأبيض يوم الجمعة القادم في السابع من شهر مارس الجاري.
فما الذي يجعله يفعل ذلك وما مدى أهمية هذه العملات لكي يستخدمها رئيس الولايات المتحدة؟.
قام ترامب قبل إعلانه الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية بإطلاق عملة “ميم” رقمية خاصة به تسمى “TRUMP$” أو عملة ميم ترامب.
وقد دعا ترامب داعميه إلى الاحتفال بالفوز من خلال شراء عملته الرقمية مستغلًا شعبيته كرئيس ومشبعًا إياها بشعار حملته الانتخابية “قاتل قاتل قاتل”.
لماذا عملات الميم الرقمية تحديدًا؟
ارتباط العملة بثقافة الإنترنت القائمة على المشاركة يعزز من انتشارها وأكثر ما يتم مشاركته على الانترنت هي الميمز.
فكلما كان الميم رائج أكثر على الانترنت، كلما كانت العملة الرقمية المرتبطة به أكثر قيمة، حيث تزيد قيمة العملة كلما شاركها الأشخاص على الانترنت أو شاركوا الميم المرتبط بها.
ويمكن أن تزيد قيمتها إذا قامت شخصية مؤثرة بالتحدث عن العملة أو مشاركتها.
في عام 2021 قام الملياردير الأميركي إيلون ماسك بالتغريد على منصة “X” عن عملة رقمية تسمى “Dogecoin” وبعد تغريدته بفترة قصيرة ارتفع سعر العملة بنسبة 50%، مما يعكس مدى سهولة مشاركة هذه العملات (لاحقا هذا العام قام ترامب بإنشاء DOGE أو Department of Government Efficiency إشارة إلى دعم ماسك للعملة المشفرة).
وعلى عكس العملات الرقمية التقليدية يعتبر إنشاء عملة ميم رقمية أمر سهل وغير مكلف فلا تحتاج لأي معرفة مسبقة بالبرمجة أو ال “BlockChains” ووفقا لمجمع بيانات العملات المشفرة وموقع التحليل “CoinGecko” فقد تم إطلاق 5.3 مليون عملة ميم على منصة Pump.fun للتداول بين 19 يناير 2024 و1 يناير 2025، وهذا يعادل حوالي 15,229 عملة ميم يتم إطلاقها يوميًا على منصة واحدة.
يعتبر الربح من خلال هذه العملات بنفس سهولة استخدامها، فَكل ما يجب فعله هو تتبع المحتوى الرائج على وسائل التواصل الاجتماعي والانضمام إلى المجتمعات التي تهتم بمشاركة محتوى العملات الرقمية، مما يجعل الأمر يشبه المقامرة توقع ما سيكون رائج في خلال الفترة القادمة ومن ثم قم بشراء العملة بسعرها المبدئي وعندما تصبح رائجة ويرتفع سعرها قم ببيعها لتحصل على أعلى ربح ممكن.
هل الأمر بهذه السهولة؟
فكرة عملات الميم الرقمية تعتبر سلاح ذو حدين، فهي في أغلب الأحيان غير قابلة للإستثمار بها على المدى الطويل، إما أن تحصل على ربح فوري، وإما أن تخسر في لمح البصر.
فبالرغم من وصول عملة ميم ترامب إلى 14.5 مليار دولار في القيمة السوقية الإجمالية بعد يومين فقط من إطلاقها وهي أعلى قيمة تصل لها، إلا أنها انخفضت بمقدار الثلثين بعد ذلك.
ووفقا لشركة البيانات المشفرة “Chainalysis” فقد حقق خمسين مستثمر كبير فقط أرباحًا تجاوزت 10 ملايين دولار، في المقابل فقد خسرت نحو 200 ألف محفظة عملات مشفرة، معظمها بمبالغ صغيرة، أموالاً أثناء عمليات تبادل العملة.
يعتبر الاستثمار في عُملات الميم الرقمية مخاطرة كبيرة لأي شخص تقريبًا فالتعرض للاحتيال أمر شائع جدًا فقد تقع في فخ المبالغة في شعبية وسعر العملة بكل سهولة، ومن الممكن لأصحاب العملة التخلي عنها في أي وقت لمجرد كونها ليست رائجة بعد الآن بل من الممكن لأصحاب العملة أنفسهم أن يخفضوا من قيمتها لمصلحتهم.
عملة ميم ترامب مثلا يمتلك فريق ترامب منها على الأقل 80% من المعروض مما يعطيهم القدرة على التحكم في سعرها بالرغم من أنهم غير مسموح لهم ببيع ما يمتلكونه لعدة شهور، ومع ذلك فإن بإمكانهم أن يفيضوا السوق بها مما يؤدي إلى إنهيار سعرها وخسارة المستخدمين العاديين.
مما يجعل العملة تستحق اسمها، عملة ميم قائمة على نكات الإنترنت قاعدة مستخدميها الكبرى من الشباب الذين يرغبون في يأس تحقيق الربح السريع.
إذن من المستفيد فعلًا؟
ترتبط عملات الميم الرقمية بنظام بيئي يسمى التمويل اللامركزي (Decentralized Finance (DeFi الذي يتيح للمستخدمين تبادل الأموال دون الحاجة إلى وسطاء تقليديين مثل البنوك أو وسطاء تجاريين، مما يعطي الأشخاص حول العالم حرية وأمان أكثر في تعاملاتهم المالية وخاصة في المجتمعات ذات قيود.
ولكن خصائص مثل تلك قد يستغلها المستثمرون والشركات ويستخدموا استراتيجيات لا يُسمح بها في التداولات الخاضعة للرقابة، مما يجعلهم يحققون المليارات على حساب المستخدمين العاديين.
هذا ما يجعل أثرياء وأصحاب سلطة مثل إيلون ماسك ودونالد ترامب يستثمرون في تلك العملات.
وهذا يجعل الأسئلة والمعضلات الأخلاقية حول تلك العملات كثيرة ومتنوعة، هل من الأخلاقي تسويق هذه العملات مع العلم بنتائجها المحتملة؟ ، كيف يمكن للدول والحكومات أن تحمي مواطنيها من التعرض للاحتيال؟
هل الدولة مسؤولة عن أفعال مواطنيها في هذه الحالة؟