في عالم شهد تطور تكنولوجي سريع و تتسارع فيه الابتكارات وتتلاشى فيه الحدود بين الإنسان والآلة، يصبح الذكاء الاصطناعي والأتمتة في قلب الثورة الصناعية الجديدة التي تفرض واقعا جديدا في سوق العمل.

حيث يواجه تحولات تهدد بإلغاء وظائف تقليدية وخلق أخرى غير مسبوقة.

تحول عالمي في سوق العمل

يشهد سوق العمل العالمي تحولا تقوده تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة، حيث بات من الممكن أداء مهام معقدة، مثل الترجمة والتشخيص الطبي وغيرها من الوظائف، عبر التكنولوجيا والأنظمة الذكية.

فالثورة الصناعية لا تقتصر فقط على رقمنة الأدوات والعمليات، بل هي اندماج العالمين الفيزيائي والرقمي عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، الواقع المعزز، وإنترنت الأشياء.

وظائف تختفي وأخرى تظهر

كما تشير توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن هذه التقنيات قد تستبدل 92 مليون وظيفة بحلول عام 2030، مما يعني أن 22% من إجمالي الوظائف الحالية ستتغير، لكنها في المقابل ستخلق 170 مليون وظيفة جديدة، أي زيادة صافية تقدر بـ 78 مليون وظيفة.

يقول الدكتور أمجد الذهلي، المتخصص في مستقبل العمل
” المعادلة ليست في عدد الوظائف فقط، بل في نوعيتها المطلوب اليوم موظفون يملكون مهارات تحليل البيانات التفكير النقدي، والقدرة على التكيف مع تكنولوجيا سريعة التطور”.

الوظائف الأسرع نموا خلال السنوات القادمة

من المتوقع أن تشهد بعض الوظائف نموا هائلا خلال السنوات الخمس المقبلة أبرزها مطورو البرامج والتطبيقات (57٪) أخصائيو إدارة الأمن (53٪)، متخصصو تخزين البيانات (49٪) متخصصو السيارات ذاتية القيادة والسيارات الكهربائية (48٪)، مصممو واجهة المستخدم وتجربة المستخدم (48٪) سائقو الشاحنات الخفيفة أو خدمات التوصيل (46٪)، محللو البيانات والعلماء (41%)، لافتا إلى أن القطاعات التكنولوجية من بين الصناعات الأسرع نموا، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني و الروبوتات، حيث يتوقع أن تزداد الوظائف في هذه المجالات بنسبة 25-30 حتى عام 2030.

كما تتزايد الأتمتة و الروبوتات في التصنيع، مما قد يقلل من الحاجة للعمالة غير الماهرة، بينما يزيد الطلب على المشرفين والمبرمجين، وفي قطاع الخدمات تستمر الوظائف المرتبطة بالتعليم والرعاية الصحية في النمو، خاصة في الاقتصادات المتقدمة.

قطاعات تتحول ومهارات تتجدد

مع دخول الروبوتات إلى المصانع بنسبة تفوق 70٪، وتحكم الذكاء الاصطناعي في أكثر من 85٪ من خدمات العملاء، يتغير وجه قطاعات كاملة مثل الصناعة الخدمات والتعليم.

وفي الوقت نفسه تنمو الحاجة إلى وظائف جديدة مثل مطوري البرمجيات خبراء الأمن السيبراني، ومحللي البيانات.

وظائف في خطر

تشمل الوظائف المهددة: الكاشير السكرتارية، عمال السكك الحديدية، ومراكز الاتصالات التقليدية.

الوظائف الأسرع نموا
  • محللو البيانات الضخمة
  • مطورو البرمجيات
  • خبراء الأمن السيبراني
العمل الحر خيار آخر للشباب

في ظل هذه التحولات اختار كثير من الشباب التوجه نحو العمل الحر، مستفيدين من المنصات الرقمية التي أزالت الحواجز الجغرافية.

تؤكد الدكتورة ولاء جاد الكريم، مديرة وحدة السكان بوزارة التنمية المحلية، ” أن الاتجاه نحو العمل الحر ليس رفاهية، بل أصبح مسارا واقعيا أمام تراجع التوظيف التقليدي، نحتاج فقط إلى تمكين الشباب بالمهارات الرقمية المناسبة.”

كما تشير الدراسات إلى أن 39% من المهارات المطلوبة حاليا لن تكون كافية في السنوات الخمس المقبلة.

تحول في التعليم

هذا يتطلب تحولا جذريا في منظومة التعليم والتدريب المهني، وتبني الحكومات سياسات تدعم الابتكار وتؤهل الكوادر الوطنية.

و يرى المهندس إبراهيم الحوسني، عضو لجنة الاقتصاد الرقمي ” ليس المطلوب أن نحارب التكنولوجيا، بل أن نتعلم كيف نستخدمها لصالحنا، الذكاء الاصطناعي لن يلغي الإنسان، لكنه سيغير طريقة عمله.”