أعاد مشروع قانون الإيجار القديم الجدل حول العلاقة بين المالك والمستأجر في مصر، لا سيما بعد تصريحات الدكتور حماد عبدالله حماد، عضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين وعميد كلية الفنون التطبيقية الأسبق.

والتي أثارت ردود فعل واسعة، حيث طالب بإخلاء فوري لأنواع محددة من الوحدات السكنية فور صدور القانون الجديد.

معتبرًا أن القانون الحالي ظالم ويجب تصحيحه لتحقيق العدالة السكنية.

كما طالب الدكتور حماد خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي بضرورة إخلاء الوحدات التالية فور تطبيق القانون الجديد؛ الوحدات المغلقة التي لا يسكنها أحد، والشقق المستغلة لأغراض غير سكنية مثل المكاتب التجارية، والوحدات المؤجرة للأجانب والسفارات بأسعار زهيدة.

موضحاً ، أن هناك أجانب يقيمون في فيلات بالدقي مقابل 40 جنيها فقط شهريًا، وهي مفارقة تثير تساؤلات حول العدالة في توزيع الموارد السكنية.

و أكد الدكتور حماد أن الأزمة مستمرة منذ عقود، وكان هناك مشروع قانون لحلها منذ عام 2008، لكنه لم يفعل بسبب غياب الإرادة السياسية آنذاك.

وأضاف أن تدخل القيادة السياسية الحالية، ممثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، أوجد زخمًا جديدًا نحو الإصلاح وتحقيق العدالة.

كما أشار الدكتور حماد إلى أن استمرار العمل بالقانون القديم يمنع دخول آلاف الوحدات إلى السوق العقاري، مما يُبقي أسعار الإيجارات الجديدة مرتفعة، ويضعف من قدرة الطبقة المتوسطة على إيجاد سكن مناسب.

وأوضح أن شقة بحجم ومكانة شقة الأديب نجيب محفوظ لا تزال تدفع 35 جنيها شهريًا، بينما الضريبة العقارية عليها قد تصل إلى 7000 جنيه.

وأكد أن الدولة يمكنها دعم غير القادرين من خلال تحمل الفرق في القيمة، بدلا من بقاء الوضع كما هو.

ووفقا لتقارير صادرة عن وزارة الإسكان في عام 2024

يبلغ عدد الوحدات السكنية المتأجرة بنظام الإيجار القديم حوالي 3.2 مليون وحدة.

من بينها أكثر من 700 ألف وحدة مغلقة لا تستخدم فعليا.

حوالي 200 ألف وحدة تستخدم كمقار تجارية أو مكاتب رغم كونها سكنية في الأصل.

هذه الأرقام تبرز حجم الإهدار في سوق العقارات مما يعزز حجة تحرير العلاقة الإيجارية.

رغم دعم حماد العام للقانون، فقد انتقد أحد بنوده وهو تحديد زيادة القيمة الإيجارية بـ 20 ضعفًا فقط، معتبرًا أن هذا لا يحقق عدالة كافية، خاصة في المناطق الراقية، مطالبًا برفع النسبة إلى 50 ضعفًا في تلك المناطق الراقية كالدقي والزمالك، و 30 ضعفًا في المناطق المتوسطة، لتتناسب مع الواقع الاقتصادي وأسعار السوق.

ويقوم القانون القديم بتجميد العلاقة الإيجارية لعقود مما تسبب في خلل كبير بين القيمة السوقية للمساكن وقيمتها الإيجارية الفعلية، وأدى إلى عزوف كثير من الملاك عن تأجير عقاراتهم أو صيانتها.

القانون الجديد يسعى إلى إعادة التوازن عبر تحرير تدريجي للعقود القديمة، ورفع الإيجارات المستويات أقرب للسوق، مع وجود آلية حماية للمستأجرين غير القادرين.

التحدي الأكبر يكمن في التنفيذ العادل، بحيث لا يلقى العبء الكامل على المستأجر أو المالك، بل تتحمل الدولة جزءًا من المسؤولية الاجتماعية خصوصًا في الحالات الإنسانية.

نجاح القانون يعتمد على وضوح الجدول الزمني للتطبيق والرقابة على تنفيذ البنود، وتوفير بدائل سكنية مناسبة للفئات المتضررة.

تصريحات الدكتور حماد عبدالله حماد سلطت الضوء على أبعاد اجتماعية واقتصادية وقانونية عميقة تتطلب تدخلا مدروسًا، لا يكتفي بإصدار القانون بل يراعي آليات التنفيذ، وحماية الفئات الأضعف، وضمان استقرار السوق العقاري.

يبقى التحدي الأهم هو تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والعدالة الاقتصادية.