في قلب مدينة دمنهور، داخل أسوار مدرسة الكرمة الخاصة، وقعت جريمة بشعة ضد تلميذ صغير يُدعى “ياسين”.

حادثة لم تهز فقط وجدان الأهالي، بل كشفت الستار عن واقع مؤلم للتعليم في مصر، حيث انقلبت المدرسة من مكان للتربية إلى ساحة للخذلان.

تواطؤ من عناصر المدرسة

الواقعة لم تكن مجرد “تقصير”، بل تواطؤ واضح ومشاركة فعلية في طمس الجريمة.

طفل بريء، في عمر الزهور، يتعرض لاعتداء بشع داخل حمام المدرسة، بمساعدة “الدادة” وتحت نظر إدارة تهاونت، وربما تآمرت، في التستر على الفعل.

ما حدث داخل “مدرسة الكرمة” يمثل خيانة للمسؤولية، خاصة وأن إدارة المدرسة لم تتخذ أي إجراء فوري، بل حاولت طمس الحقائق وحماية المؤسسة على حساب الطفل.

مديرة المدرسة، التي من المفترض أن تكون قدوة في التربية والقيادة، تورطت في صمتها ومراوغاتها.

أما الدادة، فقد لعبت دورًا مريبًا وصل إلى حد المشاركة في الجريمة.

أم شجاعة تحافظ على حقوق ابنها

في المقابل، ظهرت والدة الطفل “ياسين” كأيقونة للنضال الفردي ضد مؤسسة بأكملها، لم ترهبها محاولات الترهيب ولا محاولات التسوية ولم تغريها المبالغ المالية الضخمة.

وقفت وحدها، تواجه، تُبلغ، وتصرخ في وجه الصمت العام.

لولا إصرارها، لما خرجت الجريمة للنور، ولما تحركت النيابة، ولما نطق القضاء بكلمته.

نعم، صدر حكم قضائي يدين الجناة، لكن هل كُتب الشفاء على نفس طفل صغير تعرض لتحطيم نفسي وجسدي؟

هل سيعود ياسين كما كان؟ وهل يمكن لأحكام المحكمة أن تعيد للطفل ثقته في مكان يُفترض أنه بيته الثاني؟

قضية ياسين ليست مجرد جريمة منعزلة، بل هي مرآة لواقع مرير نعيشه يوميًا معلمين بلا تأهيل نفسي.

والإدارات تهمها الأرباح أكثر من الأرواح، وأولياء أمور أصبحوا مضطرين للتحقيق بأنفسهم في أمن وسلامة المؤسسات التعليمية.

أين نذهب بأطفالنا إذا كانت “المدرسة” مكانا مخيفًا، و”الدادة” متورطة، و”المديرة” متواطئة؟

قضية ياسين يجب ألا ننساها، لا كرقم في محاضر الشرطة، ولا كترند مؤقت على السوشيال ميديا.

هذه مأساة حقيقية ينبغي أن تكون نقطة تحوّل في النظر إلى سلامة الأطفال في المدارس، وتطوير قوانين الحماية والمساءلة.

فقد ياسين جزءًا من طفولته، ولكن ربما ينقذ بما حدث له مئات الأطفال من مصير مشابه، إذا قررنا أن نتكلم، وأن نحاسب، وأن نصلح ما يمكن إصلاحه.