أطلقت شاشات السينما في عام 2024 الفيلم الهندي،”حياة الماعز _The Goat Life”، تناول الفيلم قصة تحكي عن عامل هندي سافر إلى الخليج ليجد نفسه واقعا في قبضة العبودية والإذلال.

صدم هذا الفيلم الكثيرين من المشاهدين؛ ولكن الصدمة الأكبر عندما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يوثق واقعة مهينة لعامل مصري في السعودية، فيما تبين أن العامل لم يمضي سوى 80 يوم على سفره من مصر.

ظهر في الفيديو كفيل سعودي يهين عاملًا مصريًا رفض التوقيع على سند لم يكشف عن مضمونه بوضوح، وانهال عليه وعلى رفاقه المصريين المقيمين معه بوابل من السباب، واصفًا إياهم بـ”الكلاب”.

لم يكتف الكفيل السعودي بذلك؛ لكنه أصر على طرد الشاب المصري وتشريده، وبالرغم من توسلات الشاب المصري للكفيل السعودي بأنه لايملك أي أموال للعودة، وأنه دفع كل ما يملك مقابل فرصة عمل في الخارج.

ماهية السند

لم يكن الفيديو المتداول واضحًا بما يكفي للكشف عن طبيعة السند الذي رفض العامل المصري التوقيع عليه، لكن الكفيل السعودي أصرّ على التوقيع بشكل مفاجئ، مما أثار تساؤلات حول ماهية السند ومضمونه القانوني، وهل يُجبر العامل على توقيع مستند غير واضح؟.

وبسؤال المحامي هشام الطنطاوي، المختص في قضايا العمل، قد تشير كلمة “سند” في السياق الخليجي إلى “سند أمانة”، وهو ورقة تلزم الموقّع بمبلغ مالي كبير يُستخدم لاحقًا كأداة ضغط أو للابتزاز القانوني، أو تعهّد بالاستمرار في العمل لفترة طويلة مع غرامة في حال المغادرة.

كما يمكن أن يكون في بعض الحالات، إقرار جزائي، يحمّل العامل مسؤولية قانونية غير مبررة دون وجود مخالفة فعلية.

وتابع المحامي، أنه إذا ثبت أن السند يحمل أي من هذه البنود دون علم أو موافقة العامل، فقد يُصنّف ذلك كـاستغلال قانوني يخالف قواعد التعاقد العادل المنصوص عليها في قوانين العمل الخليجية والدولية.

العبودية المستحدثة

الفيديو الذي أظهر المعاناة التى واجهها العامل المصري من تهديد بالطرد أو إهانة أو التوقيع القسري للسند، أثار غضبًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي.

مما أعاد التساؤلات حول أوضاع العمالة الوافدة في بعض دول الخليج، كما أبرز الوجه القبيح لمنظومة الكفالة التي تمنح الكفيل سلطة شبه مطلقة على مصير العامل.

من الناحية القانونية، يُعدّ السب العلني والتشهير عبر وسائل التواصل جريمة يُعاقب القانون عليها في عدد من الدول الخليجية، كما ينص قانون العمل السعودي على ضرورة احترام العقود الموقعة بين الطرفين.

لكن الواقع العملي يُظهر فجوة واسعة بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي، خاصة حين تتقاطع السلطة الاجتماعية للكفيل مع هشاشة وضع العامل.

في هذا السياق، بدا الفيديو وكأنه ليس مجرد واقعة فردية، بل مرآة عاكسة لواقع مأزوم يعيشه كثير من العمالة الوافدة، واقع يُختصر أحيانًا بكلمة جارحة، أو سند غير معلوم، أو قرار طرد يصدر من طرف واحد.

العبودية في ثوب الكفالة

في زمن تصدّر فيه الدول صور الحداثة والتقدم، تظل مثل هذه الممارسات لطخة سوداء على جبين الإنسانية، وتبقى العدالة الحقيقية مرهونة بقدرتنا على مواجهة هذه الانتهاكات، لا التعايش معها.

ف إلى متى سنظل نغض الطرف عن تلك العبودية المغطاة بالكفالة؟