ولاء سامي
في مشهد مفاجئ، تتبدل ملامح المكان، ويعمّ الصمت الممزوج بالفزع.
تتحول الحياة إلى لحظة رعب حين تهتز الأرض تحت الأقدام، ويتعثر العقل في استيعاب ما يحدث.
المباني تتهاوى، والناس يركضون في كل اتجاه، في مشهد من الفوضى والذهول، إنها الزلازل حين تتحدث الأرض بلغة الخطر.
الزلازل ليست مجرد ظاهرة طبيعية عابرة بل هي رسائل قوية من أعماق الأرض تحذرنا من قوة الكوارث التي قد تغير مصير مجتمعات بأكملها.
مع تكرار الزلازل حول العالم في السنوات الأخيرة تتزايد المخاوف وتساؤلاتنا: هل أصبحت الأرض أكثر اضطرابًا ؟ وهل نحن فعلا مستعدون لمواجهة هذه الهزات التي قد تقلب حياتنا رأسا على عقب؟
ما هو الزلزال؟ وكيف يحدث؟
الزلزال هو اهتزاز مفاجئ وسريع في القشرة الأرضية، يحدث عندما تتحرك الصخور أو تنزلق على طول الصدوع الأرضية.
ينتج عن هذا التحرك إطلاق طاقة هائلة تتردد في موجات زلزالية، تنتشر في كل الاتجاهات، مسببة الاهتزازات التي نشعر بها على سطح الأرض.
أسباب الزلازل
تنقسم إلى أسباب طبيعية وأسباب بشرية:
- الأسباب الطبيعية
حركة الصفائح التكتونية:
القشرة الأرضية مقسمة إلى صفائح ضخمة تتحرك باستمرار.
عندما تصطدم هذه الصفائح أو تنزلق بجانب بعضها، تتراكم الضغوط، وعندما تُطلق هذه الضغوط فجأة، يحدث الزلزال.
الانفجارات البركانية:
حركة الماغما تحت الأرض والانفجارات البركانية تسبب زلازل بركانية تؤدي إلى اهتزازات أرضية.
الصدوع الأرضية:
كسور في القشرة يمكن أن تنزلق بشكل مفاجئ، مسببة اهتزازات.
- الأسباب البشرية
التفجيرات النووية تحت الأرض.
التعدين العميق.
ضخ السوائل تحت الأرض:
مثل ضخ المياه أو الغاز الذي يغير الضغط على الصدوع، مما قد يحفز نشاط زلزالي.
أبرز الزلازل خلال عامي 2024 و2025
زلزال ميانمار حدث يوم 29 مارس 2025 وبلغت قوته 7.7 ريختر وطاقته تعادل طاقة 334 قنبلة ذرية مما يوضح قوة تدميره.
كما شهد خسائر وضحايا بأرقام كبيره تبلغ حوالي 5,456 قتيلا و 11,404 مصابا.
وأحدث دمارا واسعا في ساغاينغ وماندالاي، وشعر به سكان أجزاء من تايلاند.
زلزال بحر مرمرة – تركيا، حدث يوم 23 أبريل 2025 وبلغت قوته 6.2 ريختر وكان في جنوب شرق مرمرة إيرغليسي بالتحديد.
كما شعر به سكان إسطنبول، مما أثار مخاوف من زلزال مدمر مستقبلي.
زلزال كريت – اليونان، 22 مايو 2025 بلغت قوته 6.24 ريختر
وكان في 499 كم شمال مرسى مطروح.
كما شعر به سكان الساحل الشمالي المصري وبعض المناطق الأخرى، لكن بدون خسائر.
زلازل تاريخية بارزة هزّت العالم
زلزال تركيا وسوريا – 6 فبراير 2023 بلغت قوته 7.8 ريختر
وشهد عدد ضحايا أكثر من 50,000 قتيل ومئات الآلاف من المصابين والمشردين.
مما أحدث دمار شامل في جنوب تركيا وشمال سوريا، وكشف ضعف البنية التحتية.
زلزال تايوان – 3 أبريل 2024
بلغت قوته 7.2 ريختر .
كما أحدث أضرارا محدودة بفضل جاهزية البلاد وتطبيق قوانين بناء مقاومة للزلازل.
زلزال اليابان – 11 مارس 2011
بلغت قوته 9 درجات، ويعتبر واحد من أقوى الزلازل في التاريخ.
و تسبب في تسونامي مدمر وأضرار كارثية في مفاعل فوكوشيما النووي، وما زالت تداعياته مستمرة.
العوامل التي تحدد قوة وتأثير الزلزال
المقدار الزلزالي (Magnitude)
يشير إلى الطاقة المنبعثة من مركز الزلزال، ويقاس عادة بمقياس ريختر.
الشدة الزلزالية (Intensity)
تعبر عن تأثير الزلزال على الأرض، البشر، والمنشآت، وتختلف بحسب قرب المسافة من مركز الزلزال وعمق البؤرة.
عوامل أخرى تؤثر على التأثير
المسافة من مركز الزلزال: الأقرب للسطح والمركز تزيد الشدة.
نوع التربة: التربة الرخوة تضخم الاهتزازات.
نوع المباني: المباني المقاومة للزلازل تصمد أفضل.
تشبع التربة بالمياه: يؤدي إلى ظاهرة التميّع، حيث تفقد التربة تماسكها وتصبح سائلة.
هل يمكن التنبؤ بالزلازل؟
حتى الآن، لا يمكن تحديد مكان أو وقت وقوع الزلزال بدقة.
الجهود العلمية
• دراسة حركة الصفائح والصدوع.
• مراقبة التغيرات الطفيفة في القشرة الأرضية.
لكن هذه الدراسات لم تصل إلى تنبؤ دقيق، لذا تركيز الجهود هو تحديد المناطق الأكثر عرضة واتخاذ الإجراءات الوقائية.
كيف نواجه الزلازل؟ الاستعداد والتصرف
قبل الزلزال:
بناء مقاوم للزلازل.
وضع خطط طوارئ وتوعية مجتمعية.
أثناء الزلزال:
داخل المباني: اختبئ تحت طاولة أو في زاوية آمنة، ابتعد عن النوافذ، لا تستخدم المصاعد.
خارج المباني: ابق في مكان مفتوح بعيد عن المباني والأشجار.
في السيارة: توقف في مكان آمن ولا تغادرها أثناء الهزات.
بعد الزلزال:
تحقق من سلامتك وسلامة من حولك.
افصل الغاز والكهرباء عند الضرورة.
تابع التعليمات الرسمية.
استعد للهزات الارتدادية.
دروس من عمق الأرض
الزلازل تذكرنا بقوة الطبيعة وحتمية الاستعداد لها.
لا يمكن التنبؤ بها بدقة، ولكن الاستعداد والتوعية يقللان من الخسائر.
الاستثمار في بنية تحتية آمنة، وتعزيز ثقافة السلامة، وخطط الطوارئ، هي طريقنا للحماية .
