نيران جديدة تُشعل الشرق الأوسط، طهران وتل أبيب يقتحمان المشهد، لكن هذه المرة فالأمر أشد تعقيدا، ليس مجرد مناوشات عسكرية.

بل بات يمس طرف ثالث وهو الدين، فلطالما تشابك الدين والسياسة لتُشكل تحالفات وانتماءات، فتعرف بعض القوى بأنها “سُنّية” وأخرى بأنها ” شيعية” والتي اعتبرت أحد أهم محركات الصراعات في الشرق الأوسط لسنوات طويلة.

الصراع الإيراني الإسرائيلي الذي نشهده في الوقت الحالي وهو مواجهة مباشرة وغير مسبوقة بين طهران وتل أبيب، يضع الانتماءات المذهبية تحت اختبار حاسم.

إيران دائما ما نجحت في أن تظهر كداعمة للمقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، وكانت تقف إلى جانب فصائل المقاومة السنية المذهب كحماس وحركة الجهاد الإسلامي، وهو ما جعل بعض الجماهير السنية تتعاطف معها لوجود عدو مشترك” العدو الصهيوني” وليس المذهب.

لكن بعد القذف الإيراني على الأراضي الإسرائيلية والتي قامت بها لأسباب تتعلق بسيادتها وأمنها الوطني، نجد العديد من الدول والقطاعات السنية في موقف معقد أو قد يكون حرج بعض الشيء.

فغالبية الدول تعادي إيران وتعتبرها تهديد إقليمي، وتدعم المقاومة الفلسطينية، ولها علاقات مع إسرائيل وإن كانت غير معلنة بشكل كبير، فإن هذا التصعيد يجبر هذه الدول على إعادة ترتيب أولوياتها.

انقسام الشارع العربي وتعقيد لموقف الحكومات

إسرائيل هي العدو المشترك التقليدي للعالم العربي والإسلامي، لكن مع تصعيد الموقف وتنامي المخاوف من التوسع الإيراني في المنطقة، هل يتحول هذا الخوف والكراهية لإيران إلى عامل دفع لبعض الدول السنية للتقارب الأكبر مع إسرائيل وإن كان تقارب ضمني أو تقارب خلف الكواليس؟!

المشهد معقد والجماهير السنية برغم عدائها لإسرائيل، إلا أنها لا تنسى ما تفعله السياسات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن ولبنان مثلا.

خلّف هذا الصدام المباشر انقسام في الرأي العام للشعوب العربية، إما إعجاب وتأييد للرد الإيراني الجرئ باعتباره مقاومة لإسرائيل، أو التأكيد على خطر إيران والعداوة معها كدولة شيعية ولها أيدلوجية لا تقل خطورة عن الأيدلوجية الصهيونية.

هذا الصدام الجماهيري يضع الحكومات في موقف يصعب فيه صياغة مواقف موحدة ويضعها تحت ضغط شعبي، خاصة وأن الشعوب ترى تقاعس من الحكومات في الدفاع عن القضية الفلسطينية أو دعم المقاومة كما فعلت إيران مثلا، فضربة إيران هذه وضعت الجميع في حرج من موقفه.

السؤال الذي يتبادر للأذهان الآن، هو هل ستعمق هذه المواجهة الانقسامات المذهبية أم أنها ستضع الجميع في موضع إجبار على تجاوز هذه الخلافات والبحث عن أرضية مشتركة بغض النظر عن المذهب !؟