
طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النائب العام ووزير العدل بتعيين قاضي تحقيق مستقل، لكشف ملابسات مقتل الشابين يوسف السرحاني وفرج الفزاري، المقيمين بمحافظة مطروح، اللذين لقيا حتفهما على يد قوات الشرطة بعد ساعات من تسليم نفسيهما إلى جهاز الأمن الوطني.
بيان المبادرة : جريمة قتلٍ بدمٍ بارد
وقالت “المبادرة” في بيانها، الصادر الخميس الماضي، إن إفادات الشهود والمحامين والوسطاء من المجتمع المحلي بالمحافظة، تطرح سيناريو “جريمة انتقام وقتل بدم بارد، نفذتها قوات إنفاذ القانون” ضد شخصين لم يكونا من بين المشتبه بهم في الجريمة الأصلية.
كما أضافت أن تخصيص قاضي تحقيق مستقل قد يساهم في استعادة الاستقرار والسلم المجتمعي في “النجيلة” ، خاصة بعد قيام مجلس العمد والمشايخ بالمحافظة بتعليق كافة أشكال التعاون مع أجهزة الشرطة.
مقتل أمناء الشرطة وبداية الأزمة
وتعود الأحداث إلى يوم 8 ابريل الجاري، عندما حاولت قوات الشرطة القبض على شخص مطلوب في مدينة النجيلة، الواقعة على الطريق الدولي غرب مدينة مرسى مطروح، و أسفرت الحملة عن مقتل ثلاثة أمناء شرطة أثناء محاولة القبض على المتهم.
بدأت القصة بقيام هارب من تنفيذ لأحكام قضائية بقتل ثلاثة من أمناء الشرطة والفرار، وعلى أثرها وبحسب أقوال الشهود قامت الأجهزة الأمنية باحتجاز 23 سيدة من أقاربه وجيرانه، للضغط عليه لتسليم نفسه، لتتحول إلى مأساة أثارت غضب مجلس العمد والمشايخ في محافظة مطروح، والذي قرر وقف التعامل مع أجهزة الأمن.
أثار احتجاز السيدات حالة من الاحتقان بين الأهالي، وتدخل مشايخ القبائل لدى أجهزة الأمن لإطلاق سراح المحتجزات، مقابل تقديم المساعدة للقبض على المتهم الهارب.
وبناءً على طلب ضباط الداخلية، وعبر وساطة وضمانات قبلية، تم تسليم شابين من أقارب المتهم الهارب، لمجرد استجوابهما، هما : يوسف عيد فضل السرحاني، وفرج رياش الفزاري اللذين تتراوح أعمارهما بين 18 و21 عامًا.
و في مساء اليوم ذاته، الجمعة 11/4، أعلنت وزارة الداخلية في بيان لها مقتل الشابين، قائلًا إن “مجرمين شديدي الخطورة قُتِلا في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن في محافظة مطروح، خلال تنفيذ حملة أمنية بهدف اعتقالهما”.
تصاعد الغضب المحلي وتجميد التعاون مع الشرطة

أثارت الحادثة غضبًا واسعًا بين القبائل، حيث قال بعض مشايخ القبائل، نقلا عن شهود أن الشرطة قامت بتصفية الشابين بعد استلامهما، كما عقد مجلس العمد والمشايخ في المنطقة اجتماعًا.
وقرر فيه “وقف التعامل وتعليق كل أشكال التعاون مع أجهزة الأمن في مطروح، وعلى رأسها أقسام الشرطة، إلى حين الانتهاء الكامل من التحقيقات الجارية”.
كما أدان المجلس بصورة كاملة ومطلقة سياسة الشرطة في احتجاز النساء كرهائن، وطالب بالتحقيق في هذه الممارسات الأمنية.
الداخلية تنفي واقعة احتجاز النساء

نفت وزارة الداخلية في بيانين متتاليين عبر صفحتها الرسمية، معظم هذه الاتهامات، حيث نفت في البيان الأول الاتهام باحتجاز النساء، وقالت “إنه جارٍ اتخاذ الإجراءات القانونية حيال مروجي تلك المزاعم لتعمدهم إثارة البلبلة بأوساط الرأي العام”.
وفي البيان الثاني، قالت الداخلية المصرية إن “أجهزة البحث الجنائي بمديرية أمن مطروح بالاشتراك مع قطاع الأمن العام تمكنت من تحديد مكان اختباء عنصريين إجراميين شديدي الخطورة من مرتكبي واقعة استشهاد 3 أفراد شرطة بمديرية أمن مطروح أثناء تنفيذهم أحكامًا قضائية ضد أحد العناصر الجنائية شديدة الخطورة بمطروح “.
أثارت هذه الحادثة ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دعا ناشطون بضرورة فتح تحقيق للبحث عن حقيقة الواقعة.
وبين تضارب الأقوال تظل حادثة مقتل الشابين يوسف السرحاني وفرج الفزاري، وملابسات احتجازهما ومن ثم الإعلان عن مقتلهما، محل جدل واسع بين أجهزة الأمن وأهالي المنطقة.
وسط مطالب متصاعدة من منظمات حقوقية و مواطنين بفتح تحقيق مستقل يضمن العدالة والشفافية، ويضع حداً لممارسات وصفت بأنها خارجة عن القانون، حفاظاً على استقرار المجتمع المحلي وصوناً لثقة المواطنين في مؤسسات الدولة.