تقرير

منذ توليه الحكم، أعلن وبشكل واضح أن المواطن المصري هو الأساس، وأن تحسين حياة المصريين ومستوى معيشتهم هو الهدف من كل الإصلاحات التي تتخذها البلاد.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أحد المؤتمرات أعرب عن حرصه على المصريين قائلا” حقوق الإنسان عندي إن المواطن المصري يلاقي علاج وتعليم كويس”.

على خطى الرئيس سارت جميع القطاعات هادفة إلى تحقيق النمو وسد الفجوات التي تتخلل المؤسسات، ولكل إصلاح ضريبة يتحملها الجميع.

لكن يتخلل تلك الأوضاع تساؤلات حول أحوال المواطن البسيط الذي لا يهدف سوى الحصول على لقمة عيشه، وقضاء يومه، دون التفكير في الغد، وحول مدى انعكاس الأوضاع الإقتصادية الحالية عليه.

الإقتصاد المصري يشهد تحديات كبيرة في السنوات الأخيرة تتمثل في ارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه المصري، وهو ما تسبب في تدخل الحكومة لمحاولة التصدي لهذه التحديات عبر حزمة من القرارات، أهمها:
تحرير سعر الصرف، تعديلات في السياسة المالية، ومحاولة تحسين مناخ الاستثمار.

وفقاً لإحصاءات البنك المركزي المصري، فقد شهد عام 2024 قيام مصر بتعويم للجنيه المصري، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار بنحو 40%، حتى وصل سعر الجنيه يعادل 50 دولار، ولم يأتي هذا الإنخفاض دفعة واحدة بل كان ضمن سلسلة من التخفيض في قيمة العملة عبر السنوات الأخيرة.

إضافة إلى ذلك تبنت الدولة سياسة الإقتراض والحصول على قروض من صندوق النقد الدولي، حتى أصبحت مصر وفقا للإحصائيات الأخيرة للصندوق ثاني أكبر مقترض بعد الأرجنتين.

وقد وصلت قيمة الإستدانة من الصندوق حوالي 28 مليار دولار وذلك منذ نوفمبر 2016، وحتى برنامج القرض الحالي بقيمة 8 مليارات دولار والذي ينتهي سبتمبر 2026.

قامت الدولة في إطار جهودها لمكافحة التضخم المتصاعد واستقرار قيمة العملة، قام المركزي برفع الفائدة، حتى بلغت قيمة الزيادة إلى 600 نقطة في أعقاب تعويم 2024.

اتخذت الحكومة مجموعة خطوات في سبيل تقليل عجز الموازنة والدين العام، إضافة إلى تحسين الأوضاع المالية، فقامت بزيادة ضريبة القيمة المضافة على بعض المنتجات، وتقليل الدعم الحكومي خاصة في قطاعي الطاقة والوقود، كما اتخذت إجراءات لخفض الإنفاق الاستثماري الحكومي.

علاوة على ذلك فقد اتبعت الدولة سياسة الخصخصة، والكثير من الإجراءات الهامة التي تهدف إلى تحقيق الإستقرار، وتأمين التمويل الدولي، وتحسين النمو على المدى الطويل.

تأثير السياسات الحكومية على حياة المواطن البسيط

شهدت هذه الإجراءات تأثيرات متعددة على حياة المواطن المصري البسيط، تمثلت بشكل ملحوظ في زيادة تكاليف المعيشة بشكل كبير، بسبب زيادة التضخم وخفض الدعم مع انخفاض قيمة العملة، الأمر الذي أدى إلى معايشة المواطن والأسرة البسيطة لانخفاض القيمة الشرائية للعملة بشكل مباشر.

الحكومة تهدف إلى إصلاحات على المدى الطويل كما تتحدث دائما في برامجها، لكن المواطن البسيط عندما يذهب لشراء سلع أساسية ويلاحظ أنه لم يعد باستطاعته الشراء، أو يجد زيادة في الأسعار فإنه يتساءل ويرى تضارب بين ما يراه ويسمعه عبر شاشات التلفاز وبين الواقع الملموس بين يديه.

لا نستطيع أن نغفل دور الحكومة في محاولة التخفيف من الأعباء على المواطنين بتوجيه من السيسي، فقد عملت على تنفيذ برامج حماية اجتماعية، متمثلة في مساعدات مالية مثل تكافل وكرامة، ودعم للسلع الغذائية في منافذ حكومية، ومبادرات صحية، لكن لا تزال هذه الإجراءات عاجزة عن تعويض ما يتحمله المواطن محدود الدخل مقابل الزيادة التي يعايشها.

آراء الخبراء

تختلف رؤى الخبراء في هذا السياق، فيشيد البعض بهذه الإصلاحات ومدى التقدم الذي أحرزته الحكومة في هذا السياق، بينما يشير آخرون إلى الحاجة إلى حلول وتغييرات هيكلية أكثر عمقا، كما يعربون عن قلقهم بشأن ارتفاع التكاليف وزيادة الضغوطات على المواطنين، لكن إجمالا فإن الجميع مجتمعون على مدى التأثير السلبي الذي يلامسه المواطن البسيط.

رأي المواطنين

من خلال معايشة المواطنين، فقد أعربوا عن حاجتهم إلى أن تترك الحكومة لهم مساحة للتكيف مع ما يحدث، وأن معدلات الزيادة المتتابعة في الأسعار كما يحدث في أسعار البنزين والسولار، تجعل هناك حالة من التوتر والقلق، خاصة وأنه مع اقتراب التكيف مع الزيادة التي يعايشها تأتي قرارات الحكومة بزيادات أخرى، وهو ما يسبب حالة من الإرباك داخل الشارع المصري.

كما أجاب أحد المواطنين في سؤال توليفة له عن كيف يرى الإجراءات الحكومية المتبعة والزيادة في الأسعار قائلا” أنا مبحبش السياسة بس اتعودت أخاف من الأعياد والأجازات عشان الزيادات” وأضاف” مبلحقش أتعود كل ما أضبط مصروف البيت وأوزع المرتب على العيال، ألاقي عايزين زيادة عشان المواصلات زادت والسكر والفراخ ولبس العيال بقى عايز تحوشلهم مرتب كام شهر من غير ما تصرف منه ولا جنيه” وأنهى حديثه بتنهيدة قائلا” كل حاجه بتغلى إلا المرتب وحتى لو زاد بتلاقي الأسعار مولعة قبله” .

بعض التوصيات

الحكومة لابد وأن تضع في الإعتبار المواطن البسيط الذي لا يستطيع تحمل مزيد من الأعباء، ويجب أن تقوم بوضع خطط واستراتيجيات دقيقة وتسلسل في هذه الإصلاحات، مع تعزيز وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية، ومحاولة وضع خطط لدعم الفئات الأكثر تضررا مثل أصحاب المعاشات، والعمالة غير المنتظمة.

كما ينبغي أن تهتم الدولة بالاستثمار والاستفادة من رأس المال البشري، وعمل دورات تدريبية وتأهيله لسوق العمل، والعمل على توفير فرص عمل تساعد على تحقيق الهدف الأول للدولة وهو تحقيق تنمية مستدامة واستقرار اقتصادي.